مواضيع الاسبوع

علوم التصحيح في اللغة دكتور احمد كروم

4.11.16

اللسانيات الافريقية

 إن اللغات الأفريقية[2] عرفت بعض الدراسات المهمة، وإن كان هناك ثمة تباينٌ في هذه اللغات من حيث الفصائل والأسر من جانب، ثم قانون اللغة من جانب آخر، وقد حظي بشرف أغلب هذه البحوث ألسنيون غربيون، وقليل من الدراسات العربية وغيرها.
    ربما يندهش القارئ العزيز عندما يصطدم بهذا العنوان، المتمثل في " لغات أفريقيا " وإمكانية تحليلها في صفحات قلائل! وقد يندهش أيضا منْ مؤَلِفٍ يعرف كلَّ هذه اللغات!؟ وربما انتابه الحيرة في ربط اللغات الأفريقية بالتنمية لا المتوسطة ولا القريبة بل المستدامة[3]
    في الواقع، إن الموضوع ليس مدعاةَ للدهشة، إذ إن المؤلف يستعين على تحليل الموضوع بنتاج علمي لعدد من الباحثين والخبراء والانتربولوجيين، واللسانيين، والسوسيو لسانيين، والجغرافيين...إلخ من جانب، ينضاف إلى ذلك نتاج فرق بحثية للتخطيط اللغوي في العالم، التي تنبني على معطيات علمية من أبناء الدول أنفسهم أو مؤسسات رسمية تابعة للدول.
    للإجابة على مدى معرفة المؤلف لهذه اللغات الأفريقية اللامتناهية، فإن المؤلف في الواقع لا يعدو أن يكون لسانيا يسعى إلى وصف معطيات لسانية على نهج معين، ثم إن ذلك لا يمنعه ـ كأي أفريقي أيضا ـ أن يكون على دراية بعدد من اللغات.
    في الواقع ـ ربما لا يجانبني الصواب اليوم إذا قلت ـ إن كلمة " أفريقيا" تؤشر على الفقر، التي تحمل في طياتها المرض والجوع والعنف...إلخ؛ وأن هذا الوضع الاقتصادي الهش الذي تعيشه القارة منذ عقود ـ إذا لم نقل قرون ـ  ألاَ يعكس عفويا على واقع الحياة اللغوي. نقول: نعم! رغم ما تعانيه القارة السمراء من انهيار اقتصادي وفقر مدقع، فإن مما لا يتناطح فيه عنزان اليوم، أن بعض اللغات الأفريقية ـ التي سنراها في هذا البحث ـ مَهْما تعاني من صراع لغوي فإنها تعيش حالة لا بأس بها، وبالتالي يمكن أن تكون عُمْلة صعبة لدرِّ نفع وخلق تنمية مستدامة في أفريقيا.
     ويجب أن نضع النقاط على الحروف بأن ما سيتكرر لدينا من التطور اللغوي لا يدخل تحته تطور كائنيONTOGENÈSE  ولا تطور النوع PHYLOGENESE، ولا يهمنا كثيرا تطور الحقبة التاريخية [4]DIACHRONIEلهذه اللغات التي نحن بصددها؛ بقدرها يهمنا ـ في بحثنا ـ تطورُ عملية استعمال اللغات الأفريقية متمثلا في انتقالها من مرحلة استعمال شفهي إلى كتابة أبجدية[5] في مختلف مستوياتها اللغوية، واستعمالها في التعليم، وفي مستوى عال من التواصل، ولتكون سلعة تشترى في مختلف أسواق إقليمية ودولية.
     وسوف نحاول الإجابة في هذا البحث عن الأسئلة التالية: هل تتطور اللغات الأفريقية؟ إذا كان الجواب بنعم، فما مجالات هذا التطور؟ وما الوسائل المستخدمة في تنميتها؟ إذا كانت اللغات تستعمل في التنمية؛ أليست تعادل النقود والعملة؟ ماذا نجني من هذا التطوير؟ وهل تصلح كل اللغات الأفريقية لهذا التطور؟
----------------------------------------------------------------
 ـ دإسماعيل زَنْغُـو بَرَزِي، أستاذ مساعد في اللسانيات العامة والعربية بقسم اللغة العربية، جامعة بماكو، مالي. 
[2] ـ  تسفر أحدث دراسة ـ حسب علمي ـ عن أربع فصائل لغوية كبرى:1ـ نيجرـ كنغو: وحسب Grimes 1996 فإن هذه الفصيلة تمثل أكبر من نوعها على العالم من حيث المساحة والمستعملين؛ إذ تعرف 1436 لغة، وتحتضن عددا من الأسر اللغوية الكبرى كـ: الكردفانية، الماندي، أطلنطيك، إجويد ijoides، دوغون، فولتا، كنغو شمالية، كونغو جنوبي. وفي طياتها بعض اللغات الكبرى كـ: ولوف، فلانية، مانديغ، أكان، يروبا، إيبو، سانغو، وعدد هائل من لغات البانتو، منها: زولو، كونغو، لنغالا، لوبا، لوندا، روندي، شوانا، سوتو، سواحلية، تستوانا، خواسا، زولو.  2 ـ  نيلوـ صحراية: تعرف بعض الأسر المستقلة: صنغي، صحراوية، كولياك kuliak، أو غير المستقلة كـ: مابان، فُور، وسط السودان، برتا. 3 ـ أفروـ أسيوية: تعرف 371 متنوعة لغوية، مع أسرها اللغوية الكبرى: التشادية، الأمازيغية، المصرية، السامية، الكوشية، الأمويةOMOTIQUE ، ويلاحظ أنها الفصيلة الوحيدة المستعملة في أكثر من قارة، وذلك انطلاقا من اسمها. وتمثل العربية أكثرها من حيث الانتشار؛ إذ تمثل اللغة السائرة LIGUA FRANCA .4 ـ خويسان: تعرف في السابق بـ بـُشْمان Bushman  أو هوتنتوت Hottentotes، وتمثل أصغر فصيلة لغوية في أفريقيا، وحسب Greenberg  1963 A  أنها بلغاتها ولهجات تعد بالمئة أو أكثر، ولكن في الوقت الراهن انقرض منها الكثير فلم يبق منها إلا حدود الثلاثين. راجع، Heine &  Derek Nurse Bernd, Les langues Africaines 2004, Karthala, Parisـ  ،pp : 7- 122..
[3] ـ إن مصطلح "التنمية" يلفت انتباهنا إلى التنمية الاقتصادية، التي تعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، كالزراعة والصيد والرعي...إلخ. فيمثل الدخلُ الأساس في غزارة التنمية، أو قلتها. أما التنمية المستدامة: فهي موضة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تسعى إلى ضمان استمرارية الإرث الطبيعي للأرض، وتتعزز التنمية المستدامة بتدبير رشيد rationnellesللموارد الطبيعية  والإنسانية والاقتصادية، لتلبية الاحتياجات الأساسية للإنسانية جمعاء بشكل مناسب. راجع،  Encarta 2009
[4] ـ راجع، بسام بركة، معجم اللسانيات، جروس ـ برس، لبنان، بلا سنة. وقارنه، بـ دروس في الألسنية العامة، دي سوسير، ت/ صالح القرماد وآخرون، ص: 129،الدار العربية للكتاب، 1985، تونس
[5] ـ راجع عينة من أبجديات اللغات الأفريقية في الملاحق.

0 التعليقات:

إرسال تعليق